تسعى الجمهورية اليمنية إلى الاستفادة من قطاع السياحة لرفد الدخل القومي باعتبار أن السياحة تعد المورد الثاني للدخل القومي بعد النفط في اليمن.
وتحاول الحكومة اليمنية اعتماد آليات جديدة للترويج السياحي للمنتج السياحي اليمني داخلياً وخارجياً .
وفي هذا الإطار دعا المؤتمر الوطني الثاني للسياحة - المنعقد في صنعاء للفترة من 15-16 سبتمبر الحالي -إلى إعادة النظر في قانون الاستثمار والقوانين التشريعية الخاصة بمواقع الاستثمار السياحي، بما يضمن إزالة المعوقات وتفعيل آلية دعمه.. وحث على إعداد استراتيجية شاملة لتطوير القطاع السياحي في اليمن طويلة المدى، تشتمل على برامج تنفيذية متوسطة وقصيرة المدى .
كما دعا المؤتمر في ختام أعماله يوم أمس الأول، إلى دعم وتحديث المعاهد السياحية المتخصصة وتشجيع التوسع في بنائها، وإنشاء إدارات ومراكز أبحاث سياحية لتحسين مستوى الأداء السياحي، وتأهيل ودعم الكادر الوطني المتخصص، ومساندة المستثمرين الحاليين في المنشآت السياحية، والنظر فيما ترتب عليهم من خسائر ناجمة عن الركود القائم في قطاع السياحة وارتفاع نسبة الفوائد على المستثمرين في هذا المجال .
وشدد على تسهيل وتبسيط الإجراءات الإدارية سواء ما يتعلق بالتأشيرات السياحية في السفارات أو تسهيل إجراءات إعادة منح التأشيرات في منافذ الوصول إلى البلاد
وطالب المؤتمر بتوفير حيزً كافٍ في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة للتوعية السياحية، وإشراك أجهزة التوجيه والإرشاد في هذه التوعية وفي إطار خطة إعلامية مدروسة ومنتظمة، وتفعيل دور سفاراتنا في الخارج خصوصا في الدول المصدرة للسياحة، بحيث يصبح الترويج السياحي ضمن أولويات نشاطها، وكذا تضمين المناهج الدراسية مفهوم وأهمية السياحة في دعم الاقتصاد الوطني، بما يساعد على خلق وعي سياحي متنامٍ في أوساط النشء.
وأوصى المؤتمر في بيانه الختامي، بضرورة التركيز على السياحة اليمنية المغتربة في أنحاء العالم، خاصة في جنوب شرق آسيا وكذا الاهتمام بالسياحة الدينية.
وحث على إنشاء وحدة مختصة في وزارة الخارجية، تتولى دراسة وتحليل التحذيرات الصادرة من الدول الأجنبية والتعامل معها بما يوضح جوانب الحقيقة للواقع السياحي، وإنشاء ملحقيات سياحية في الدول الرئيسية المصدرة للسياحة، وتوجيه الملحقيات التجارية بالعمل على التركيز على تنشيط العمل السياحي في تلك البلدان.
وأقر إنشاء إدارة ومركز أبحاث سياحية لتوفير معلومات سياحية تؤدي إلى تحسين مستوى الأداء السياحي.
كما أقر تشكيل لجنة متابعة منبثقة عن المؤتمر، لعمل آلية للبدء في تنفيذ المقترحات والتوصيات ومتابعة إنجازها وفق خطة زمنية في كل المجالات التي شكلت محاور المؤتمر وأهدافه.
ويأتي انعقاد المؤتمر الوطني الثاني للسياحية بعد الخسائر التي أصابت قطاع السياحة في اليمن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكذا الأعمال الإرهابية مثل حادثة المدمرة "كول"، وحادثة السفينة الفرنسية "ليمبرج"، الأمر الذي أدى إلى إحداث خسائر كبيرة بالاقتصاد اليمني، وعلى وجه الخصوص قطاع السياحة.
وبحسب تقرير قدمته الحكومة اليمنية إلى البرلمان فإن عدد السياح القادمين إلى اليمن انخفض بنسبة (40%) عام (98-99م)، إضافة إلى إلغاء الحجوزات على الوكالات السياحية، والفنادق بنسبة 90%، وتسريح أعداد كبيرة من المواطنين من المنشآت السياحية عقب حادثة اختطاف مجموعة من السياح في أبين من قبل مجموعة إسلامية متطرفة كان يتزعمها أبوبكر المحضار الذي أُلقي القبض عليه فيما بعد، وصدر حكم بإعدامه.. أضف إلى ذلك أن الاقتصاد اليمني تكبد خسائر قدرت بنحو (31) مليون دولار مقابل تنظيف الشواطئ عقب حادثة السفينة الفرنسية "ليمبورج" إضافة إلى انخفاض عدد من الحاويات في المنطقة الحرة بعدن من (4300) حاوية في شهر سبتمبر 2002م إلى أقل من (3000) حاوية بعد الحادثة، وارتفاع أقساط التأمين على السفن بعدن 300%، وهو الأمر الذي تم الانتهاء منه في المحادثات الأخيرة في لندن حيث أقرت شركات التأمين إلغاء الرسوم الإضافية على السفن القادمة إلي اليمن وإعادة الرسوم إلى ما كانت عليه قبل حادثة السفينة الفرنسية "ليمبورج".
فضلاً عن ذلك فقد بلغت خسائر الاستثمارات في المجال الصناعي 34%، والزراعي 25% والخدمي 22%، كما انعكس تأثير هذه العمليات على تحويلات المغتربين اليمنيين التي تقلصت إلى حوالي 70%، وما نتج عن ذلك من خسائر تكبدها قطاع السياحة.
ورغم ذلك فإن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإن كانت قد أدت إلى حدوث تأثيرات سلبية على السياحة في اليمن إلا أنها أدت إلى حدوث نموً في السياحة البينية العربية، ومنها قطاع السياحة في اليمن.
وبحسب تقارير وزارة السياحة فإن العام 2001م شهد نمواً في عدد من السياح العرب إلى اليمن ؛حيث زار اليمن خلال الأشهر الأولى من عام 2001م حوالي 35 ألف سائح عربي يشكلون 40% من عدد السياح الواصلين إلى اليمن والبالغ عددهم (79617) زائراً من جنسيات مختلفة فيما دخل البلاد حوالي (50) ألف زائر من منفذ المهرة، ومعظمهم من المغتربين في الخليج.
وبحسب تقرير الوزارة فإن حركة السياحة اليمنية شهدت نمواً واضحاً،فقد بلغ عدد السياح القادمين من دول الشرق الأوسط (34704) زائراً، وبنسبة 45% من إجمالي الزوار الواصلين إلى اليمن عام 2001م البالغ عددهم (75579) زائراً من مختلفة الجنسيات.
وتأتي السعودية في مقدمة الدول المصدرة للسياحة إلى اليمن خلال العامين الماضيين إذ بلغ عدد الزوار السعوديين (144.4) زائراً يمثلون ما نسبته 19.5% من إجمالي العدد، بينما بلغت نسبة السياح القادمين من أوروبا 47.5%.
ويرجع المهتمون بالقطاع السياحي نمو حركة السياحة العربية إلى اليمن في الآونة إلى أنها جزء من حركة السياحة البينية العربية التي بدأت بالانتعاش عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
إضافة إلى نمو وتطور العلاقات اليمنية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى وجه الخصوص مع المملكة العربية السعودية بعد توقيع معاهدة جدة الحدودية في 12 يونيو 2001م.
وتشير الإحصائيات إلى أن حركة السياحة الدولية إلى اليمن زادت بمعدل 4% في العام الماضي، إثر التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية بالترويج للمنتج السياحي اليمني في الأسواق العربية، وبالذات الأسواق الخليجية، وأسواق جنوب شرقي آسيا، حيث يتواجد هناك حوالي 6 ملايين مغترب يمني.
وبحسب إحدى المسوحات التي أجريت لعدد (43) من منظمي الرحلات السياحية الأوربية إلى اليمن، فإن اليمن في رأيهم تقع ضمن مجموعة الدول المتنافسة ذي الإمكانية القابلة للتطور في المدى القصير، ومنها الأردن، وسوريا،و وفلسطين،و عمان،و لبنان، ودول الخليج.
وأشاروا إلى أن اليمن لديها إمكانيات سياحية هائلة، وأنهم يتوقعون استمرار اليمن في اجتذاب السياح بشكل متزايد إذا ما تم منح المزيد من التسهيلات السياحية. حيث أشار 56% منهم أن اليمن تأتي في المركز الأول بين بلدان الشرق الأوسط، يليها الأردن، سوريا، عمان، بينما يرى 26% على أن اليمن تأتي في المركز الثاني، أما 18% فيضعون اليمن في المركز الثالث بعد سوريا، والأردن، وسوريا.
وحدد هؤلاء أهم المعوقات التي يعاني منها السياح في اليمن في عدم توفر مكتب تمثيل في أروبا يتم الرجوع إليه عند الحاجة إلى المعلومات السياحية عن اليمن، وعدم توفر مراكز استعلامات سياحية في المطارات، وأهم المدن الرئيسية، وتدني مستوى الخدمات الفندقية؛ إضافة إلى الإجراءات الطويلة في المطارات، وتأخير وصول الحقائب.
ويرى المهتمون بالقطاع السياحي أن مستقبل العرض والطلب السياحي اليمني سيشهد نمواً متزايداً في الأعوام القادمة، إذا ما توفرت شروط استمرارية النمو في الاقتصاد العالمي، واستمرارية إجراءات الإصلاحات الاقتصادية في اليمن، وانتهاج الحكومة سياسة دعم السياحة، وتشجيع الاستثمارات السياحية، والتسهيلات في إجراءات الدخول للسياح، ومنح حوافز مادية تشجع العاملين في مجال السياحة؛ إضافة إلى الاستقرار السياسي، والقضاء على أية إختلالات أمنية.
وبناء عليه فإنهم يتوقعون ارتفاع عدد السياح في اليمن خلال عام 2010م إلى (1013863) سائحاً داخلياً، و (703151) سائحاً خارجياً.
ويرى المهتمون بالجانب السياحي أن هناك عدداً من الجوانب التي يجب على الجهات السياحية في اليمن الأخذ بها للترويج للمنتج السياحي اليمني، منها فتح مكاتب تمثيل في أوروبا والدول المصدرة للسياحة، والقيام بحملات إعلامية، وترويجية كبيرة، وتنظيم رحلات للصحفيين، والإعلاميين الدوليين، وتطوير الإعلام السياحي، ومنح تسهيلات في مجال الاستثمار السياحي، وتطوير الخدمات الفندقية، وتطوير الشواطئ، والاهتمام بسباحة الغوص، وتدريب المرشدين السياحيين، والعاملين في مجال الفندقة السياحية.
[b]